أول



- التأويل من الأول، أي: الرجوع إلى الأصل، ومنه: الموئل للموضع الذي يرجع إليه، وذلك هو رد الشيء إلى الغاية المرادة منه، علما كان أو فعلا، ففي العلم نحو: } وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم{ [آل عمران/7]، وفي الفعل كقول الشاعر:
- 35 - وللنوى قبل يوم البين تأويل
(العجز لعبدة بن الطبيب وأوله:
وللأحبة أيام تذكرها
من قصيدته المفضلية وهو في المفضليات ص 136).
وقوله تعالى: } هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله{ [الأعراف/53] أي: بيانه الذي غايته المقصودة منه.
وقوله تعالى: } ذلك خير وأحسن تأويلا{ [النساء/59] قيل: أحسن معنى وترجمة، وقيل: أحسن ثوابا في الآخرة.
والأول: السياسة التي تراعي مآلها، يقال: ألنا وإيل علينا (وهذا من كلام عمر بن الخطاب، وقاله زياد بن أبيه في خطبته أيضا. انظر نثر الدر 2/40، وأمثال أبي عبيد ص 106).
وأول قال الخليل (العين 8/368) : تأسيسه من همزة وواو ولام، فيكون فعل، وقد قيل: من واوين ولام، فيكون أفعل، والأول أفصح لقلة وجود ما فاؤه وعينه حرف واحد، كددن، فعلى الأول يكون من: آل يؤول، وأصله: آول، فأدغمت المدة لكثرة الكلمة.
وهو في الأصل صفة لقولهم في مؤنثة: أولى، نحو: أخرى.
فالأول: هو الذي يترتب عليه غيره، ويستعمل على أوجه:
أحدها: المتقدم بالزمان كقولك: عبد الملك أولا ثم المنصور.
الثاني: المتقدم بالرياسة في الشيء، وكون غيره محتذيا به. نحو: الأمير أولا ثم الوزير.
الثالث: المتقدم بالوضع والنسبة، كقولك للخارج من العراق: القادسية أولا ثم فيد، وتقول للخارج من مكة: فيد أولا ثم القادسية. الرابع: المتقدم بالنظام الصناعي، نحو أن يقال: الأساس أولا ثم البناء.
وإذا قيل في صفة الله: هو الأول فمعناه: أنه الذي لم يسبقه في الوجود شيء (وقال الحليمي: الأول هو الذي لا قبل له. راجع الأسماء والصفات للبيهقي ص 25)، وإلى هذا يرجع قول من قال: هو الذي لا يحتاج إلى غيره، ومن قال: هو المستغني بنفسه.
وقوله تعالى: } وأنا أول المسلمين{ [الأنعام/163]، } وأنا أول المؤمنين{ [الأعراف/143] فمعناه: أنا المقتدى بي في الإسلام والإيمان، وقال تعالى: } ولا تكونوا أول كافر به{ [البقرة/41] أي: لا تكونوا ممن يقتدى بكم في الكفر. ويستعمل (أول) ظرفا فيبنى على الضم، نحو جئتك أول، ويقال: بمعنى قديم، نحو: جئتك أولا وآخرا، أي: قديما وحديثا. وقوله تعالى: } أولى لك فأولى{ [القيامة/34] كلمة تهديد (راجع: حروف المعاني للزجاجي ص 12) وتخويف يخاطب بها من أشرف على هلاك فيحث بها على التحرز، أو يخاطب بها من نجا ذليلا منه فينهى عن مثله ثانيا، وأكثر ما يستعمل مكررا، وكأنه حث على تأمل ما يؤول إليه أمره ليتنبه للتحرز منه.