العالم الاسلامي بالأمس !!

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستهديه
و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له
و من يضلل الله فلا هادي له , و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و ان محمدا عبده و رسوله

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )

أما بعد ,,,

من يمعن النظر في واقع الاسلام بالأمس حين كان يطبق شرع الله , و حين كانت السيادة له
يجد انه كان اكثر قوة , و أكبر عطاء في كل المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية
و الفكرية و العلمية و نحوها .

و علينا ان نقف على بعض مظاهر القوة و العطاء بالأمس , و الأسباب الكامنة وراء ذلك





1- قوة الاقتصاد في الدولة الاسلامية

أوجب الاسلام على المسلمين دعوة الناس الى الخير و العمل على اخراجهم منالظلمات الى النور
فيقول الله - تبارك و تعالى -

( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
آل عمران * 104 *

و يقول - صلى الله عليه و سلم -
( ليبلغ الشاهد الغائب , فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو اوعى منه )
صحيح البخاري كتاب العلم باب قوله صلى الله عليه و سلم ( رب مبلغ اوعى من سامع )

فانطلقوا يؤدون هذا الواجب بما يعرف باسم الفتوحات الاسلامية
لا يلوون على شيئ الا مرضاة الله عز و جل , و نجحوا في ذلك أعظم النجاح
بحيث لم ينته القرن الهجري الأول إلا و قد بلغ الإسلام الأندلس و ما ورائها غربا , و الهند و الصين و ما ورائهما شرقا ,
و لم يكن ليتم ذلك و هم اشحاء الموارد و ضعفاء , بل لابد أن يكونوا
متمتعين بالقوة و ضخامة العطاء , و كانت سعة الاراضي الاسلامية موردا اقتصاديا ضخما لتنوع الانتاج
الذي كان يوزع بشكل شبه مركزي و بعدالة تامة .
و كان هارون الرشيد خليفة المسلمين في القرن الثاني الهجري
يخاطب السحاب فيقول
( شرٌقي أو غرٌبي فسيأتيني خراجك )
و بلغ فائض بيت مال المسلمين 72,000,000
المعلومة من "صبح الأعشى للقلقشندي 2/270"

2- التقدم العلمي :-

ورث الاسلام حضارتي الفرس و الروم فلم يعادها , و لم يهدم شيئا مفيدا فيها ,
و إعتبرها إرثا حضاريا و احب ان ينمي الخير فيها و يصحح ما أوعج عن مساره
و يضيف إلى بنائه لبناتٍ تعمره و تقويه فيكون قوة للحضارة الإسلامية الرائدة
,

و من هذه الجهود التصحيحية :

*نقد معارف الأمم الأخرى :

فقد شاع بين فلاسفة اليونان صناعة التنجيم , و الزعم أن بعض الكواكب يجلب السعادة
و بعضها يجلب النحس , و أبطل المسلمون ذلك ,
يقول ابن حزم الأندلسي رحمه الله

( زعم قوم أن الفلك والنجوم تعقل وأنها ترى وتسمع؛ وهذه دعوى بلا برهان وصحة الحكم أن النجوم لا تعقل أصلاً وأن حركتها أبداً على رتبة واحدة لا تتبدل وهذه صفة الجماد الذي لا خيار له، ليس للنجوم تأثير على أعمالنا ولا عقل لها تدبرنا به؛ )
و رفض ابن النفيس نظرية جالينوس عن الدور الذي تلعبه الرئتان في نقل
الدم من تجويفة القلب الواحدة الى الأخرى , و أثبت العلم الصحيح
صحة قوله

*اضافة الجديد في مختلف المجالات :

في الطب و الفلك و الكيمياء و الصيدلة و الملاحة و علوم البحر و الجغرافيا
و الأرقام و الحسابات و الجبر و المراصد
,,
و قد سجل ابن البيطار 1400 عقارا لم يعرف منها اليونان غير 400 فقط
,
و كان المسلمون هم أول من فتت الحصى في المثانة , و سدوا الشرايين النازفة .
إن الغربي إذا صار عالما ترك دينه , بخلاف المسلم فإنه لايترك دينه إلا إذا
أصبح جاهلا .
و في الحقيقة لم يرق العلم في أوروبا إلا بفضل المسلمين .

* شيوع الأمن و انتشار الأمان :-

و رغم الفتوحات الكثيرة و سعة الاراضي الإسلامية الا ان الامن كان صفة
مميزة للحضارة الإسلامية على خلاف الحضارات الاخرى
و يرجع ذلك إلى ما اختص به الإسلام بالعدل و المساواة
و تمتع كل فرد بالمجتمع بالأمان حتى ان كان غير مسلم مادام مسالماً
و لعل هذا هو الذي جعل الناس على اختلاف ألوانهم و أجناسهم
يدخلون في دين الله أفواجا .

صدق الله تعالى بقوله

( فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )




*التمسك التام بكتاب الله و سنة رسوله - صلى الله عليه و سلم -

قال تعالى

( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيم *43*وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴿٤٤)

و يقول - صلى الله عليه و سلم -

( تركت فيكم ما ان اعتصمتم به لن تضلوا أبدا : كتاب الله و سنتي )
من حديث ابن عباس و ابي هريرة في خطبة حجة الوداع .

و قد إستجاب المسلمون بذلك فلم يحيدوا عنه إلى حد أنه لما جاء التتر إلى الدولة الإسلامية في القرن السابع الهجري و أسقطوا الخلافة , و أرادوا حمل الناس على الإستمساك بغير الكتاب و السنة ، لم يقبل المسلمون بذلك و فضلوا الموت و قاوموهم مجتمعين فنصرهم الله عليهم ، و شرح الله صدر التتر فدخلوا في الإسلام و حملوه إلى بلادهم ناشرين له .



إلى هنا نصل لختام هذا الموضوع
و أتمنى أن يحوز على إعجابكم فمشاركة شكر تكفي
و أصلي و أسلم على أشرف المرسلين سيدنا محمد

(( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ))
,

((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا))