ما أجمل الحياة حينما نملؤها بالبهجة والسرور والإبتسامة ..
فذاك كان هدي الحبيب المصطفى -- ..
وعلى الرغم من كونه نبيا من الأنبياء يتلقّى الوحي من السماء ..
غير أن المشاعر الإنسانية المختلفة تنتابه كغيره من البشر ..
وتمر به حالات من الضحك والبكاء .. والفرح والحزن ..
وتبرز قيمة العنصر الأخلاقي في حياة النبي -- في وضع هذه المشاعر المتباينة في إطارها الشرعي ..
حيث صانها عن الإفراط والتفريط .. بل أضاف لها بُعْداً راقياً حينما ربطها بقضيّة الثواب والاحتساب ..
فقال -- : " تبسمك في وجه أخيك صدقة " رواه الترمذي ..
وعن أبى ذر -رضي الله عنه- قال : قال لي النبي -- :
" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلِق " .. رواه مسلم ..
طَلِق : ( ضاحك مستبشر ) ..
لا شك أن من مكارم الأخلاق إدخال السرور على المسلم ..
ومن ثم فقد كان مزاحه -- تأليفا ومداعبة .. وتفاعلا مع أهله وأصحابه .. وإدخالا للسرور عليهم ..
وكان مشتملاً على كل المعاني الجميلة .. والمقاصد النبيلة ..
فصار من شمائله الحسنة .. وصفاته الطيبة -- ..
قال عبيد الله بن المغيرة : سمعت عبد الله بن الحارث قال :
" ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله -- " .. رواه الترمذي ..
الضحك والمزاح أمر مشروع كما دلت على ذلك النصوص القولية .. والمواقف الفعلية للرسول -- ..
وما ذلك إلا لحاجة الفطرة الإنسانية إلى شيء من الترويح .. يخفف عنها أعباء الحياة وقسوتها .. وهمومها وأعبائها ..
ولا حرج فيه ما دام منضبطا بهدي النبي -- .. ولا يترتب عليه ضرر ..
بل هو مطلوب ومرغوب .. لأن النفس بطبعها يعتريها السآمة والملل .. فلا بد من فترات راحة ..
وليس أدل على مشروعية الضحك والمزاح والحاجة إليه .. مما كان عليه سيد الخلق وخاتم الرسل -- ..
قد كان يداعب أهله .. ويمازح أصحابه .. ويضحك لضحكهم ..
وقد سئل ابن عمر -رضي الله عنهما- : هل كان أصحاب رسول الله -- يضحكون ؟؟
قال : " نعم .. والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل " ..
وقال بلال بن سعد : " أدركتهم يضحك بعضهم إلى بعض .. فإذا كان الليل لا ..كانوا رهبانا " ..
المزاح والضحك في هدي النبي -- مقيد بضوابط لابد وأن تُراعى .. منها :
ألا يقع في الكذب ليضحك الناس ..
ولهذا قال -- : " ويل للذي يحدث فيكذب .. ليضحك القوم .. ويل له .. ويل له .. ويل له " .. رواه الترمذي ..
وقد كان -- يمزح ويضحك ولا يقول إلا حقا وصدقا ..
ومن ثم فينبغي ألا يشتمل المزاح والضحك على تحقير لإنسان آخر .. أو استهزاء به وسخرية منه ..
قال الله تعالي : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ..
لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ..
وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ..
وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ..
بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ ..
وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } .. ( الحجرات : 11 ) ..
وقال -- : " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " .. رواه مسلم ..
ومن ضوابط المزاح والضحك في هدي النبي -- ..
ألا يترتب عليه تفزيع وترويع لمسلم ..
قال -- : " لا يحل لمسلم أن يروع مسلما " .. رواه أبو داود ..
وأن يكون بقدر يسير معقول .. وفي حدود الاعتدال والتوازن ..
الذي تقبله الفطرة السليمة .. ويرضاه العقل الرشيد .. ويتوافق مع المجتمع الإيجابي العامل ..
ولهذا قال -- : " يا أبا هريرة أقل الضحك .. فإن كثرة الضحك تميت القلب " .. رواه ابن ماجه ..
فالمنهي عنه هو الإكثار ..
فالمبالغة في المزاح والضحك يُخشى من ورائه الإلهاء عن الأعباء ..
أو تجرؤ السفهاء .. أو إغضاب الأصدقاء .. أو الوقوع فيما حرم الله ..
إن المواقف التي مزح وضحك فيها النبي -- كثيرة ومتنوعة ..
فتجده -- يضحك فرحا بكرامة وفتح لأمته ..
وتارة تفاعلا مع أصحابه ..
ومرة مداعبة لزوجاته ..
وأخرى إدخال سرور على الأطفال ..
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال :
" بينا رسول الله -- في بيت بعض نسائه .. إذ وضع رأسه فنام .. فضحك في منامه ..
فلما استيقظ قالت له امرأة من نسائه : لقد ضحكت فى منامك فما أضحكك ؟؟
قال : أعجب من ناس من أمتي يركبون هذا البحر هول العدو ..
يجاهدون في سبيل الله .. فذكر لهم خيرا كثيرا " .. رواه أحمد ..
وفي رواية : " يركبون هذا البحر كالملوك على الأسِرَّة " ..
وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله --
" إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة .. وآخر أهل النار خروجا منها .. رجل يؤتى به يوم القيامة ..
فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه .. وارفعوا عنه كبارها .. فتعرض عليه صغار ذنوبه ..
فيقال : عملت يوم كذا وكذا .. كذا وكذا ..وعملت يوم كذا وكذا .. كذا وكذا ..
فيقول : نعم .. لا يستطيع أن ينكر .. وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه ..
فيقال له : فإن لك مكان كل سيئة حسنة ..
فيقول : رب قد عملت أشياء لا أراها ها هنا ..
فلقد رأيت رسول الله -- ضحك حتى بدت نواجذه " .. رواه مسلم ..
عن جرير -رضي الله عنه- قال :
" ما حجبني رسول الله -- منذ أسلمت .. ولا رآني إلا تبسم في وجهي " ..
وفي رواية : " ما حجبني رسول الله -- منذ أسلمت .. ولا رآني إلا ضحك " .. رواه ابن ماجه ..
وعن أنس -رضي الله عنه- : " أن رجلا أتى النبي -- ..
فقال : يا رسول الله احملني ..
قال النبي -- : إنا حاملوك على ولد ناقة ..
قال : وما أصنع بولد الناقة ؟! ..
فقال النبي -- : وهل تلد الإبل إلا النوق " .. رواه الترمذي ..
فكان قوله -- مداعبة للرجل ومزاحاً معه .. وهو حق لا باطل فيه ..
وعن عبد الله بن مغفل قال : أصبت جرابا من شحم يوم خيبر .. قال : فالتزمته ..
فقلت : لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا ..
قال : فالتفت فإذا رسول الله -- متبسما " .. رواه مسلم ..
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال :
" قالوا : يا رسول الله إنك تداعبنا .. قال : نعم .. غير أني لا أقول إلا حقا " .. رواه الترمذي ..
عن أنس -رضي الله عنه- قال : " كان رسول الله -- من أحسن الناس خُلقا ..
فأرسلني يوما لحاجة .. فقلت : والله لا أذهب .. وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله -- ..
فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق ..
فإذا رسول الله --قد قبض بقفاي من ورائي ..
قال : فنظرت إليه وهو يضحك ..
فقال : يا أنيس .. أذهبت حيث أمرتك ؟؟
قال : قلت : نعم .. أنا أذهب يا رسول الله " .. رواه مسلم ..
وكان -- يمازح أنس -رضي الله عنه قائلا : " يا ذا الأذنين " .. رواه أبو داود ..
وعن أنس -رضي الله عنه- قال :
" كان النبي -- أحسن الناس خلقا .. وكان لي أخ يقال له أبو عمير ..
وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير ؟؟ " .. رواه البخاري ..
النغير : ( طائر صغير ) ..
عن أم المؤمنين الصديقة عائشة -رضي الله عنها- قالت :
" خرجت مع النبي -- في بعض أسفاره و أنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن ..
فقال للناس : تقدموا .. فتقدموا .. ثم قال لي : تعالي حتى أسابقك .. فسابقته فسبقته ..
فسكت عني حتى إذا حملت اللحم و بدنت و نسيت .. خرجت معه في بعض أسفاره ..
فقال للناس : تقدموا .. فتقدموا .. ثم قال : تعالي حتى أسابقك .. فسابقته فسبقني ..
فجعل يضحك وهو يقول : هذه بتلك " .. رواه أحمد ..
وروى أبو يعلى عنها .. قالت : أتيت رسول الله -- بخزيرة طبختها له ..
فقلت لسودة والنبي -- بيني وبينها ..
فقلت لها : كلي .. فأبت .. فقلت : لتأكلنَّ أو لألطخن وجهك .. فأبت ..
فوضعت يدي في الخزيرة فطليت بها وجهها .. فضحك النبي --
فوضع فخذه لها .. وقال لسودة : ألطخي وجهها ..
فلطخت وجهي .. فضحك النبي -- أيضاً " ..
ودخل النبي -- يوما على عائشة وهي تلعب بلعب لها ..
فقال لها : " ما هذا ؟؟ .. قالت : بناتي ..
قال : ما هذا الذي في وسطهن ؟؟ .. قالت : فرس ..
قال : ما هذا الذي عليه ؟؟ .. قالت : جناحان ..
قال : فرس لها جناحان ؟؟ .. قالت : أو ما سمعت أنه كان لسليمان بن داود خيل لها أجنحة ؟!
فضحك رسول الله -- حتى بدت نواجذه " .. رواه أبو داود ..
لا يوجد من هو أكثر اهتماما بالدعوة من رسول الله -- ..
وليس هناك من تعددت لديه الواجبات كما تعددت لدى الحبيب -- ..
فلقد كان -- إماما للناس .. ومعلما للدين .. وحاكما وقاضيا .. وقائدا للجيوش ..
كما كان أبا رحيما .. وزوجا بارا .. وصاحبا وفيا ..
ومع هذا كله فقد كان -- ضحاكًا بساماً ..
يربي ويهذب بالابتسامة والممازحة .. فلضحكاته منافع ..
ولابتساماته وممازحاته مقاصد وفوائد ..
ولو ترك رسول الله -- طريق الابتسامة إلى العبوس ..لأخذ الناس أنفسهم بذلك ..
على ما فيه من مخالفة الفطرة من المشقة والعناء ..
قال الإمام النووي -رحمه الله- :
" المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه ..
فإنه يورث الضحك وقسوة القلب .. ويشغل عن ذكر الله تعالى ..
ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء .. ويورث الأحقاد .. ويسقط المهابة والوقار ..
فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله -- يفعله " ..
وقال رجل لسفيان بن عيينة : المزاح هجنة ؟! .. ( أي : مستنكر ) ..
فقال : " بل هو سُنَّة .. ولكن لمن يُحسنه ويضعه في موضعه " ..
فذاك كان هدي الحبيب المصطفى -- ..
وعلى الرغم من كونه نبيا من الأنبياء يتلقّى الوحي من السماء ..
غير أن المشاعر الإنسانية المختلفة تنتابه كغيره من البشر ..
وتمر به حالات من الضحك والبكاء .. والفرح والحزن ..
وتبرز قيمة العنصر الأخلاقي في حياة النبي -- في وضع هذه المشاعر المتباينة في إطارها الشرعي ..
حيث صانها عن الإفراط والتفريط .. بل أضاف لها بُعْداً راقياً حينما ربطها بقضيّة الثواب والاحتساب ..
فقال -- : " تبسمك في وجه أخيك صدقة " رواه الترمذي ..
وعن أبى ذر -رضي الله عنه- قال : قال لي النبي -- :
" لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلِق " .. رواه مسلم ..
طَلِق : ( ضاحك مستبشر ) ..
لا شك أن من مكارم الأخلاق إدخال السرور على المسلم ..
ومن ثم فقد كان مزاحه -- تأليفا ومداعبة .. وتفاعلا مع أهله وأصحابه .. وإدخالا للسرور عليهم ..
وكان مشتملاً على كل المعاني الجميلة .. والمقاصد النبيلة ..
فصار من شمائله الحسنة .. وصفاته الطيبة -- ..
قال عبيد الله بن المغيرة : سمعت عبد الله بن الحارث قال :
" ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله -- " .. رواه الترمذي ..
الضحك والمزاح أمر مشروع كما دلت على ذلك النصوص القولية .. والمواقف الفعلية للرسول -- ..
وما ذلك إلا لحاجة الفطرة الإنسانية إلى شيء من الترويح .. يخفف عنها أعباء الحياة وقسوتها .. وهمومها وأعبائها ..
ولا حرج فيه ما دام منضبطا بهدي النبي -- .. ولا يترتب عليه ضرر ..
بل هو مطلوب ومرغوب .. لأن النفس بطبعها يعتريها السآمة والملل .. فلا بد من فترات راحة ..
وليس أدل على مشروعية الضحك والمزاح والحاجة إليه .. مما كان عليه سيد الخلق وخاتم الرسل -- ..
قد كان يداعب أهله .. ويمازح أصحابه .. ويضحك لضحكهم ..
وقد سئل ابن عمر -رضي الله عنهما- : هل كان أصحاب رسول الله -- يضحكون ؟؟
قال : " نعم .. والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل " ..
وقال بلال بن سعد : " أدركتهم يضحك بعضهم إلى بعض .. فإذا كان الليل لا ..كانوا رهبانا " ..
المزاح والضحك في هدي النبي -- مقيد بضوابط لابد وأن تُراعى .. منها :
ألا يقع في الكذب ليضحك الناس ..
ولهذا قال -- : " ويل للذي يحدث فيكذب .. ليضحك القوم .. ويل له .. ويل له .. ويل له " .. رواه الترمذي ..
وقد كان -- يمزح ويضحك ولا يقول إلا حقا وصدقا ..
ومن ثم فينبغي ألا يشتمل المزاح والضحك على تحقير لإنسان آخر .. أو استهزاء به وسخرية منه ..
قال الله تعالي : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ..
لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ ..
وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ ..
وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ..
بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ ..
وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } .. ( الحجرات : 11 ) ..
وقال -- : " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " .. رواه مسلم ..
ومن ضوابط المزاح والضحك في هدي النبي -- ..
ألا يترتب عليه تفزيع وترويع لمسلم ..
قال -- : " لا يحل لمسلم أن يروع مسلما " .. رواه أبو داود ..
وأن يكون بقدر يسير معقول .. وفي حدود الاعتدال والتوازن ..
الذي تقبله الفطرة السليمة .. ويرضاه العقل الرشيد .. ويتوافق مع المجتمع الإيجابي العامل ..
ولهذا قال -- : " يا أبا هريرة أقل الضحك .. فإن كثرة الضحك تميت القلب " .. رواه ابن ماجه ..
فالمنهي عنه هو الإكثار ..
فالمبالغة في المزاح والضحك يُخشى من ورائه الإلهاء عن الأعباء ..
أو تجرؤ السفهاء .. أو إغضاب الأصدقاء .. أو الوقوع فيما حرم الله ..
إن المواقف التي مزح وضحك فيها النبي -- كثيرة ومتنوعة ..
فتجده -- يضحك فرحا بكرامة وفتح لأمته ..
وتارة تفاعلا مع أصحابه ..
ومرة مداعبة لزوجاته ..
وأخرى إدخال سرور على الأطفال ..
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال :
" بينا رسول الله -- في بيت بعض نسائه .. إذ وضع رأسه فنام .. فضحك في منامه ..
فلما استيقظ قالت له امرأة من نسائه : لقد ضحكت فى منامك فما أضحكك ؟؟
قال : أعجب من ناس من أمتي يركبون هذا البحر هول العدو ..
يجاهدون في سبيل الله .. فذكر لهم خيرا كثيرا " .. رواه أحمد ..
وفي رواية : " يركبون هذا البحر كالملوك على الأسِرَّة " ..
وعن أبي ذر -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله --
" إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة .. وآخر أهل النار خروجا منها .. رجل يؤتى به يوم القيامة ..
فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه .. وارفعوا عنه كبارها .. فتعرض عليه صغار ذنوبه ..
فيقال : عملت يوم كذا وكذا .. كذا وكذا ..وعملت يوم كذا وكذا .. كذا وكذا ..
فيقول : نعم .. لا يستطيع أن ينكر .. وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه ..
فيقال له : فإن لك مكان كل سيئة حسنة ..
فيقول : رب قد عملت أشياء لا أراها ها هنا ..
فلقد رأيت رسول الله -- ضحك حتى بدت نواجذه " .. رواه مسلم ..
عن جرير -رضي الله عنه- قال :
" ما حجبني رسول الله -- منذ أسلمت .. ولا رآني إلا تبسم في وجهي " ..
وفي رواية : " ما حجبني رسول الله -- منذ أسلمت .. ولا رآني إلا ضحك " .. رواه ابن ماجه ..
وعن أنس -رضي الله عنه- : " أن رجلا أتى النبي -- ..
فقال : يا رسول الله احملني ..
قال النبي -- : إنا حاملوك على ولد ناقة ..
قال : وما أصنع بولد الناقة ؟! ..
فقال النبي -- : وهل تلد الإبل إلا النوق " .. رواه الترمذي ..
فكان قوله -- مداعبة للرجل ومزاحاً معه .. وهو حق لا باطل فيه ..
وعن عبد الله بن مغفل قال : أصبت جرابا من شحم يوم خيبر .. قال : فالتزمته ..
فقلت : لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا ..
قال : فالتفت فإذا رسول الله -- متبسما " .. رواه مسلم ..
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال :
" قالوا : يا رسول الله إنك تداعبنا .. قال : نعم .. غير أني لا أقول إلا حقا " .. رواه الترمذي ..
عن أنس -رضي الله عنه- قال : " كان رسول الله -- من أحسن الناس خُلقا ..
فأرسلني يوما لحاجة .. فقلت : والله لا أذهب .. وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله -- ..
فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق ..
فإذا رسول الله --قد قبض بقفاي من ورائي ..
قال : فنظرت إليه وهو يضحك ..
فقال : يا أنيس .. أذهبت حيث أمرتك ؟؟
قال : قلت : نعم .. أنا أذهب يا رسول الله " .. رواه مسلم ..
وكان -- يمازح أنس -رضي الله عنه قائلا : " يا ذا الأذنين " .. رواه أبو داود ..
وعن أنس -رضي الله عنه- قال :
" كان النبي -- أحسن الناس خلقا .. وكان لي أخ يقال له أبو عمير ..
وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير ؟؟ " .. رواه البخاري ..
النغير : ( طائر صغير ) ..
عن أم المؤمنين الصديقة عائشة -رضي الله عنها- قالت :
" خرجت مع النبي -- في بعض أسفاره و أنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن ..
فقال للناس : تقدموا .. فتقدموا .. ثم قال لي : تعالي حتى أسابقك .. فسابقته فسبقته ..
فسكت عني حتى إذا حملت اللحم و بدنت و نسيت .. خرجت معه في بعض أسفاره ..
فقال للناس : تقدموا .. فتقدموا .. ثم قال : تعالي حتى أسابقك .. فسابقته فسبقني ..
فجعل يضحك وهو يقول : هذه بتلك " .. رواه أحمد ..
وروى أبو يعلى عنها .. قالت : أتيت رسول الله -- بخزيرة طبختها له ..
فقلت لسودة والنبي -- بيني وبينها ..
فقلت لها : كلي .. فأبت .. فقلت : لتأكلنَّ أو لألطخن وجهك .. فأبت ..
فوضعت يدي في الخزيرة فطليت بها وجهها .. فضحك النبي --
فوضع فخذه لها .. وقال لسودة : ألطخي وجهها ..
فلطخت وجهي .. فضحك النبي -- أيضاً " ..
ودخل النبي -- يوما على عائشة وهي تلعب بلعب لها ..
فقال لها : " ما هذا ؟؟ .. قالت : بناتي ..
قال : ما هذا الذي في وسطهن ؟؟ .. قالت : فرس ..
قال : ما هذا الذي عليه ؟؟ .. قالت : جناحان ..
قال : فرس لها جناحان ؟؟ .. قالت : أو ما سمعت أنه كان لسليمان بن داود خيل لها أجنحة ؟!
فضحك رسول الله -- حتى بدت نواجذه " .. رواه أبو داود ..
لا يوجد من هو أكثر اهتماما بالدعوة من رسول الله -- ..
وليس هناك من تعددت لديه الواجبات كما تعددت لدى الحبيب -- ..
فلقد كان -- إماما للناس .. ومعلما للدين .. وحاكما وقاضيا .. وقائدا للجيوش ..
كما كان أبا رحيما .. وزوجا بارا .. وصاحبا وفيا ..
ومع هذا كله فقد كان -- ضحاكًا بساماً ..
يربي ويهذب بالابتسامة والممازحة .. فلضحكاته منافع ..
ولابتساماته وممازحاته مقاصد وفوائد ..
ولو ترك رسول الله -- طريق الابتسامة إلى العبوس ..لأخذ الناس أنفسهم بذلك ..
على ما فيه من مخالفة الفطرة من المشقة والعناء ..
قال الإمام النووي -رحمه الله- :
" المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه ..
فإنه يورث الضحك وقسوة القلب .. ويشغل عن ذكر الله تعالى ..
ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء .. ويورث الأحقاد .. ويسقط المهابة والوقار ..
فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله -- يفعله " ..
وقال رجل لسفيان بن عيينة : المزاح هجنة ؟! .. ( أي : مستنكر ) ..
فقال : " بل هو سُنَّة .. ولكن لمن يُحسنه ويضعه في موضعه " ..
Mohamed Samehالأحد فبراير 09, 2014 6:19 pm