هل يصبح «المستقبل» هدف التكفيريين المقبل؟

هل يصبح «المستقبل» هدف التكفيريين المقبل؟


أرّخت معركة عبرا عهد الانقلاب على تيار المستقبل داخل طائفته. اتُّهم آل الحريري بالموافقة على «ذبح الأسيريين وظلم أهل السنّة». حقد بدأ من مسقط رأسهم في صيدا، وحطّ في طرابلس، مروراً بحملات تحريضية حتى «إسقاط الحريرية أو تصفيتها»!
آمال خليل

لم يكد أحمد الأسير يلملم ذيول معركته ضد الجيش في عبرا، حتى فتح جبهة عريضة ضد تيار المستقبل، كانت أكثر عنفاً وحقداً، في رأي الكثيرين. في تسجيله الصوتي الأول من مخبئه، اتهم، تلميحاً، المستقبليين وآل الحريري بالتواطؤ عليه حتى إزالته. لكنه، بدءاً من تسجيله الثاني وضع النقاط على الحروف.
صوّب سهامه على زعيم السنّة سعد الحريري وعمته زعيمة صيدا بهية الحريري. سألهما: «ما الأذى الذي صدر مني تجاهكما حتى حاربتماني هكذا؟»، متهماً سعد بأنه «لا يكنّ العداوة لحزب الله، بل للمؤمنين السنّة»، وأنه «كان على علم بضربة عبرا قبل أسابيع وباركها». أما سيدة مجدليون، فقالت، بحسب الأسير، «دعوهم يذبحوه». غضب الأسير انعكس شتائم كيلت للمستقبل وآل الحريري في اعتصامات أنصاره وأهالي الموقوفين من جماعته من جهة، وعلى صفحات أنشئت على مواقع التواصل الاجتماعي، «تخصصت» في انتقاد المستقبل وآل الحريري، كـ«تيار المستقبل لا يمثلنا»، و«الحركة الشعبية السنّية لإسقاط الحريرية». والأخيرة حملت شعار «لا لهيمنة آل الحريري وتياره على القرار السنّي في لبنان»، وهدفها «فضح تخاذل آل الحريري وفؤاد السنيورة وتآمرهم على أهل السنّة والجماعة عامّة وعلى الأسير خاصّة خدمة لمصالحهم الشخصيّة الرخيصة».
حاولت النائبة الحريري استيعاب غضب الأسيريين وكثير من الصيداويين وكفالة أيتام شيخهم الفارّ. حملت لواء الدفاع عن موقوفي عبرا، وكّلت لهم محامين من مكتب المحامين في التيار، وسعت في نقلهم من سجن الريحانية إلى سجون جزين وعاليه ورومية، ووفّرت، ولا تزال، تصاريح الزيارات لعائلاتهم... والنقليات أيضاً. وهي لا تنسى، في كل مناسبة، قتيلي الأسير في هجومه على حي التعمير، علي سمهون ولبنان العزي، مطالبة بتوقيف الجناة ومعاقبتهم. وكانت، بعد الحادثة، قد طمأنت الأسير إلى أنها ستدعمه بمواقفها، كما فعلت خلال اعتصامه المفتوح عندما غادرت، قبيل قطعه الطريق، إلى نيويورك حيث أمضت أسبوعين ثم عادت لتهدئ من روع المحتجين، فيما كان نجلها أحمد الحريري يتواصل معه سراً. ثم استثمرت اللقاء التشاوري لصيدا والجوار لمصلحته. وبين هذا وذاك، لم يملّ السنيورة من التذكير بـ«أننا نوافق على شعارات الأسير ومواقفه، لكن نختلف على الأسلوب». كذلك استثمرت النائبة الحريري نفوذها في دار الإفتاء، لاستبدال بعض أئمة المساجد المعتدلين بمشايخ من أصحاب الخطاب المتطرف. وفي هذا الإطار، سُجّل إصرار على تعيين أحد مساعدي الأسير، الشيخ أحمد الحريري، إماماً لمسجد عائشة، فيما تعرض إمام مسجد البحر الشيخ حسين حبلي، لتضييق، بسبب مواقفه الوطنية. فكيف انقلب الوئام والتعاطف إلى «ذبح» للشيخ الفارّ؟
مصادر صيداوية مواكبة أكدت أن الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل «باعا الأسير بعدما فقدا السيطرة عليه، ولم يعد بإمكانهما تحمل تداعيات أفعاله». وتوضح أنه لدى بزوغ نجم الأسير، «تلقى المستقبل أمراً خارجياً باحتضانه. لكن الاحتضان فاق قدرة آل الحريري حتى كاد يخنقهم». وتصف هذه المصادر تعاطي المستقبل مع الأسير وأمثاله في المناطق بـ«حالة انفصام بين ميثاقه التأسيسي العلماني والتطرف السنّي الذي يجب أن يجاريه». وهو انفصام يشكل «قنبلة موقوتة ستنفجر به قريباً».
أوساط مطلعة نقلت عن تقارير أمنية أن العمليات الانتحارية التي هدد بها التكفيريون لبنان «قد لا يفلت منها المستقبل الذي سيكفّرونه في المرحلة المقبلة إن تمسك بخطاب التعايش والاعتدال والتلاقي مع حزب الله». وتتحدث التقارير عن مخاوف جدية من شمول صيدا بالمناطق التي يستهدفها الانتحاريون، ولا سيما بعد بيانات «جبهة النصرة» الأخيرة. وإذا كان الجيش على لائحة المستهدفين، بحسب التقارير، إلا أن المستقبل قد يكون أمام مرحلة مصيرية وجودية.