رسوم : حسام الدين عبدالغني الحافلةُ المدرسيَّةُ مُعَطَّلةٌ اليومَ.. سأضطرُّ للعودةِ للمنزلِ سيرًا على الأقدامِ.
أحملُ حقيبتي المدرسيَّةَ المُكدَّسةَ بالكُتُبِ والكُرَّاساتِ.. الشَّمسُ شديدةُ الحرارةِ هذا اليومَ بالذَّاتِ، أشعرُ أنَّ الحقيبةَ ثقيلةٌ جدًّا، حَبَّاتُ العَرَقِ تَسِيلُ على جبيني بغزارةٍ، حاولْتُ أنْ أُسَرِّعَ مِن خُطُواتي لأَصِلَ للمنزلِ سريعاً فأنا لا أحتملُ هذا الجوَّ الحارَّ.
عُدْتُ للمنزلِ أخيرًا وأنا أشعر بالدُّنيا تدُور مِن حولي، استلقيْتُ على فِراشي مِن شِدَّةِ التَّعبِ ولم أشعُرْ بنفسي بعدَها، لقد دخلْتُ في نومٍ عميقٍ، استيقظْتُ في المساءِ على صوتِ أمِّي وهي تسألُ شخصًا أراهُ لأوَّلِ مرَّةٍ عرفْتُ فيما بعدُ أنَّه الطَّبِيبُ، كانتْ أمِّي تسأله في قلقٍ: هل حالتُه خَطِرَةٌ أيُّها الطبيب؟
ظلَّ الطبيبُ يفحصني للحظاتٍ قبلَ أن ينظرَ لأمي قائلاً: درجةُ حرارةِ شادي مرتفعةٌ جدًّا.. يبدو أنَّه سَارَ في الشَّمسِ فترةً طويلةً فأصابتْه ضربةُ شمسٍ.
سألتْه أمي في قلقٍ: وما العلاج؟
أجابها الطبيبُ: سأكتبُ له علاجاً جيِّدًا ولكنْ عليكِ أن تظلِّي بجوارِه؛ لتقومي بعملِ كمَّاداتٍ كي تنخفضَ حرارتُه.
سألتْه أمي: وهل أجعلُه يذهبُ للمدرسة أم لا؟
أجابها الطبيبُ في حزمٍ: يجبُ أنْ يظلَّ في فِرَاشِه طيلةَ هذا الأسبوعِ.. شادي مريضٌ وفي حاجةٍ للرَّاحةِ.
غادرَنا الطبيبُ وأسرعتْ أمي تشتري العلاجَ وبدأتْ تصنعُ الكمَّاداتِ وتضعها على جبهتي، كَمْ أُحِبُّكِ يا أمي، تتعبين كثيرًا وتسهرين بقُربي كي تنخفضَ حرارتي، ولكنْ كيف أتغيَّب عن مدرستي، ستفوتني الكثيرُ من الدُّروس، ماذا أفعل يا ربِّي.
في اليوم التالي فُوجِئْتُ بصديقي في الفصل هيثم يأتي لزيارتي، أخبرني أنَّه شعرَ بالقلقِ حِينَ عَلِمَ بغيابي وسأل عنِّي فأخبرُوه أنِّي مريضٌ وسأتغيَّب أسبوعاً كاملاً عن الحضور، وكانتِ المفاجأةُ أنَّه قام بكتابةِ جميع الدُّروس التي فاتتْني وأحضرها لي كي أذاكرَها، ووعدني أن يحضرَ يوميًّا كي يُعطيَني الدروسَ التي ستفوتني حتَّى لا أتأخَّرَ عن الدِّراسةِ، شكرْتُه كثيرًا.. وعرفْتُ حِينَها معنى الصَّداقةِ.
بارك الله فيك
K!M0الخميس فبراير 13, 2014 1:51 am