قال
العلماء أن النية من أعمال الاستغراق ؛ فأنت لا يكفي أن تستحضر نيتك قبل
العمل ، بل ينبغي أن تستحضرها و أن تجددها كذلك أثناء العمل ، لا بد أن
تذكر نفسك دائماً بغايتك من هذا العمل ، و هل حركك عليه هوى النفس ، أم
المحرك له هو الله تعالى ؟ . قال الحسن البصري : (( رحم الله عبداً وقف عند همه ، فإن كان لله مضى ، و إن كان لغيره تأخر )) . فهذه المراقبة مهمة و ضرورية .
و
استحضار النية يحتاج أحياناً إلى مجاهدة النفس لإخلاصها لله تعالى ، و
تخليصها مما قد يعلق بها من شوائب تكدر صفو هذا الإخلاص ، كالرياء و حظوظ
النفس و بعض المصالح و المنافع الدنيوية ، و غير ذلك ، فالعمل بغير نية
عناء ، و النية بغير إخلاص رياء . قال الإمام الغزالي : ((
إنما النية انبعاث القلب ، و تجري مجرى الفتوح من الله تعالى ، و ليست
النية داخلة تحت الاختيار ، فقد تتيسر في بعض الأوقات ، و قد تتعذر ، و
إنما تتيسر في الغالب لمن قلبه يميل إلى الدين دون الدنيا )) . و بقدر الإخلاص في العمل لله يكون الأجر و الثواب . يقول الشيخ محمد الغزالي – يرحمه الله - : (( ألا ما أنفس الإخلاص و أغزر بركته ، إنه يخالط القليل فينميه حتى يزن الجبال ، و يخلو منه الكثير فلا يزن عند الله هباءة )) . و كان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه يقول - : (( اللهم اجعل عملي كله صالحاً ، و اجعله لوجهك خالصاً ، و لا تجعل لأحد فيه شيئاً )) .
فالذي
يخلص نيته لله لا يزور قريبه المريض خوفاً من انتقاد الناس ، و إنما طلباً
للأجر و الثواب من الله ، فقد قال عليه و آله الصلاة و السلام : "
إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خِرافة الجنة حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته
الرحمة ، فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ، و إن كان مساءً
صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح " [size=9][ الألباني – السلسلة الصحيحة : 1367 ] . و لا ينتظر مساعدة من ساعده و سعى في قضاء حاجته ، و إنما يفعل ذلك لوجه الله ، فقد قال عليه و آله الصلاة و السلام : " من يكن في حاجة أخيه ، يكـن الله في حـاجته "[ حديث صحيح ، الألبـاني ـ صحيح الجـامع : 6619 ] ، و قال : " من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن ، تقضي عنه دينا ، تقضي له حاجة ، تنفس له كربة "[ إسناده صحيح مرسل ، الألباني ـ السلسلة الصحيحة : 2291 ]
. و لا يصوم لأن الدراسات أثبتت أن له فوائد عظيمة ، و لكن امتثالاً لأمر
الله ، فهو يعبد الله و لا يعبد الدراسات ! . و التي تخلص نيتها لله لا
تلبس الحجاب للوقاية من الأشعة الضارة ، أو لحماية الشعر من الجفاف والتقصف
، و لا لأنه من عرف بيئتها ! ولكن لأن الله أمرها به و فرضه عليها . و لكن
عُسر تنقية القلب من هذه الشوائب أحياناً يجعل الإخلاص عزيزاً ، لأن
الخالص هو الذي لا باعث عليه إلا طلب القرب من الله تعالى ، و لذلك قال أبو
سليمان : (( طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها إلا الله تعالى )) .
و لكن .. هل نحن ندرك فعلاً أهمية استحضار النية و أنها جوهر العمل ، كما قال عليه و آله الصلاة و السلام - : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنَّما لكل امرئٍ ما نوى .."[حديث صحيح ، رواه البخاري ـ الجامع الصحيح :1] ؟ فهي صياغة شاملة لحياتنا نحن المسلمين ، فلابد أن يكون لك نية واضحة أو حتى نيات في كل عمل تقوم به . قال الإمام الغزالي : ((
.. إن الطاعة الواحدة يمكن ان ينوي بها خيرات كثيرة ، فيكون له بكل نية
ثواب ، إذ كل واحدة منها حسنة ، ثم تُضاعف كل حسنة عشر أمثالها . مثال ذلك
القعود في المسجد ، فإنه طاعة ، و يمكن أن ينوي بها نيات كثيرة : منها أن
ينوي بدخوله انتظار الصلاة ، و منها الاعتكاف و كف الجوارح ، و منها دفع
الشواغل الصارفة عن الله تعالى بالانقطاع إلى المسجد ، و إلى ذكر الله
تعالى فيه ، و نحو ذلك . فهذا طريق تكثير النيات ، فقس على ذلك سائرالطاعات
، إذ ما من طاعة إلا و تحتمل نيات كثيرة )) ، ثم قال : ((
فما من شيء من المباحات إلا و يحتمل نية أو نيات ، تصير بها قربات ، و
ينال بها معالي الدرجات ، فما أعظم خسران من يغفل عنها و يتعاطاها تعاطي
البهائم المهملة . و مثاله أن يتطيب ، و ينوي بالطيب اتباع السنة ، و
احترام المسجد ، و دفع الروائح الكريهة التي تؤذي مخالطيه . و لا ينبغي أن
يحتقر العبد الخطرات و الخطوات و اللحظات ، فكل ذلك يُسأل عنه في القيامة ،
لم فعله ؟ و ما الذي قصد به ؟ )) .
فما
هي نيتك مثلاً عندما تتزوج ؟ أو عندما تدرس هذا التخصص ؟ أو عندما تقرأ
هذا الكتاب ؟ أو عندما تشاهد هذا البرنامج ؟ و هل لك نية في الأكل ، أو في
النوم ؟! . تناظر يوماً ابو موسى الأشعري و معاذ بن جبل – رضي الله عنهما –
في قيام الليل ، فقال أبو موسى : (( أنا أقوم أول الليل و أنام آخره . فقال معاذ : و أنا أنام أول الليل و أقوم آخره ، فأحتسب نومتي و قومتي )) . و قال بعض السلف : ((
إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية ، حتى في أكلي و شربي و نومي و دخولي
الخلاء ، و كل ذلك مما يمكن أن يُقصد به التقرب إلى الله تعالى ، لأن كل
ما هو سبب لبقاء البدن و فراغ القلب من مهمات الدين ، فمن قصد من الكل
التقوي على العبادة ، و من النكاح تحصين دينه ، و تطييب قلب أهله ، و
التوصل إلى ولد يعبد الله بعده ، أُثيب على ذلك كله ، و لا تحتقر شيئاً من
حركاتك و كلماتك ، و حاسب نفسك قبل أن تُحاسب ، و صحح نيتك قبل أن تفعل ما
تفعله ، و انظر في نيتك فيما تتركه أيضاً )) .
إننا
باستحضار نياتنا و إخلاصها لله تعالى نحفظ أوقاتنا و أعمالنا و أنفاسنا من
أن تضيع سدى ، و نحيا حياتنا بكل ما فيها من حركات و سكنات و خلجات في
سبيل الله ، و يبقى عداد الأجر يعد الحسنات ليس فقط حتى الممات ، بل و بعد
الممات أيضاً ، بما خلفناه وراءنا من أعمال صالحة و صدقات جارية أخلصنا
فيها نياتنا لله عز و جل . قال تعالى : ﴿ قُلْ إنَّ صَلاتي و نُسُكي و مَحْياي و مَماتي للهِ رَبِّ العـٰلمينَ ﴾..{ الأنعام : 162 }
فلنحرص على أن يذكر بعضنا البعض باستحضار النية و إخلاصها لله عز و جل ،
فإن الواحد منا قد يغفل أحياناً ، و إن الذكرى تنفع المؤمنين .
اللهم إليك يا من بيده أزمَّة القلوب نرغب في ثباتها ،
و عليك يا علام الغيوب نعتمد في تصحيح قصدها و إخلاص نياتها ...
اللهم آمين ، و الحمد لله رب العالمين[/size]
العلماء أن النية من أعمال الاستغراق ؛ فأنت لا يكفي أن تستحضر نيتك قبل
العمل ، بل ينبغي أن تستحضرها و أن تجددها كذلك أثناء العمل ، لا بد أن
تذكر نفسك دائماً بغايتك من هذا العمل ، و هل حركك عليه هوى النفس ، أم
المحرك له هو الله تعالى ؟ . قال الحسن البصري : (( رحم الله عبداً وقف عند همه ، فإن كان لله مضى ، و إن كان لغيره تأخر )) . فهذه المراقبة مهمة و ضرورية .
و
استحضار النية يحتاج أحياناً إلى مجاهدة النفس لإخلاصها لله تعالى ، و
تخليصها مما قد يعلق بها من شوائب تكدر صفو هذا الإخلاص ، كالرياء و حظوظ
النفس و بعض المصالح و المنافع الدنيوية ، و غير ذلك ، فالعمل بغير نية
عناء ، و النية بغير إخلاص رياء . قال الإمام الغزالي : ((
إنما النية انبعاث القلب ، و تجري مجرى الفتوح من الله تعالى ، و ليست
النية داخلة تحت الاختيار ، فقد تتيسر في بعض الأوقات ، و قد تتعذر ، و
إنما تتيسر في الغالب لمن قلبه يميل إلى الدين دون الدنيا )) . و بقدر الإخلاص في العمل لله يكون الأجر و الثواب . يقول الشيخ محمد الغزالي – يرحمه الله - : (( ألا ما أنفس الإخلاص و أغزر بركته ، إنه يخالط القليل فينميه حتى يزن الجبال ، و يخلو منه الكثير فلا يزن عند الله هباءة )) . و كان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه يقول - : (( اللهم اجعل عملي كله صالحاً ، و اجعله لوجهك خالصاً ، و لا تجعل لأحد فيه شيئاً )) .
فالذي
يخلص نيته لله لا يزور قريبه المريض خوفاً من انتقاد الناس ، و إنما طلباً
للأجر و الثواب من الله ، فقد قال عليه و آله الصلاة و السلام : "
إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خِرافة الجنة حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته
الرحمة ، فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ، و إن كان مساءً
صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح " [size=9][ الألباني – السلسلة الصحيحة : 1367 ] . و لا ينتظر مساعدة من ساعده و سعى في قضاء حاجته ، و إنما يفعل ذلك لوجه الله ، فقد قال عليه و آله الصلاة و السلام : " من يكن في حاجة أخيه ، يكـن الله في حـاجته "[ حديث صحيح ، الألبـاني ـ صحيح الجـامع : 6619 ] ، و قال : " من أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن ، تقضي عنه دينا ، تقضي له حاجة ، تنفس له كربة "[ إسناده صحيح مرسل ، الألباني ـ السلسلة الصحيحة : 2291 ]
. و لا يصوم لأن الدراسات أثبتت أن له فوائد عظيمة ، و لكن امتثالاً لأمر
الله ، فهو يعبد الله و لا يعبد الدراسات ! . و التي تخلص نيتها لله لا
تلبس الحجاب للوقاية من الأشعة الضارة ، أو لحماية الشعر من الجفاف والتقصف
، و لا لأنه من عرف بيئتها ! ولكن لأن الله أمرها به و فرضه عليها . و لكن
عُسر تنقية القلب من هذه الشوائب أحياناً يجعل الإخلاص عزيزاً ، لأن
الخالص هو الذي لا باعث عليه إلا طلب القرب من الله تعالى ، و لذلك قال أبو
سليمان : (( طوبى لمن صحت له خطوة واحدة لا يريد بها إلا الله تعالى )) .
و لكن .. هل نحن ندرك فعلاً أهمية استحضار النية و أنها جوهر العمل ، كما قال عليه و آله الصلاة و السلام - : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنَّما لكل امرئٍ ما نوى .."[حديث صحيح ، رواه البخاري ـ الجامع الصحيح :1] ؟ فهي صياغة شاملة لحياتنا نحن المسلمين ، فلابد أن يكون لك نية واضحة أو حتى نيات في كل عمل تقوم به . قال الإمام الغزالي : ((
.. إن الطاعة الواحدة يمكن ان ينوي بها خيرات كثيرة ، فيكون له بكل نية
ثواب ، إذ كل واحدة منها حسنة ، ثم تُضاعف كل حسنة عشر أمثالها . مثال ذلك
القعود في المسجد ، فإنه طاعة ، و يمكن أن ينوي بها نيات كثيرة : منها أن
ينوي بدخوله انتظار الصلاة ، و منها الاعتكاف و كف الجوارح ، و منها دفع
الشواغل الصارفة عن الله تعالى بالانقطاع إلى المسجد ، و إلى ذكر الله
تعالى فيه ، و نحو ذلك . فهذا طريق تكثير النيات ، فقس على ذلك سائرالطاعات
، إذ ما من طاعة إلا و تحتمل نيات كثيرة )) ، ثم قال : ((
فما من شيء من المباحات إلا و يحتمل نية أو نيات ، تصير بها قربات ، و
ينال بها معالي الدرجات ، فما أعظم خسران من يغفل عنها و يتعاطاها تعاطي
البهائم المهملة . و مثاله أن يتطيب ، و ينوي بالطيب اتباع السنة ، و
احترام المسجد ، و دفع الروائح الكريهة التي تؤذي مخالطيه . و لا ينبغي أن
يحتقر العبد الخطرات و الخطوات و اللحظات ، فكل ذلك يُسأل عنه في القيامة ،
لم فعله ؟ و ما الذي قصد به ؟ )) .
فما
هي نيتك مثلاً عندما تتزوج ؟ أو عندما تدرس هذا التخصص ؟ أو عندما تقرأ
هذا الكتاب ؟ أو عندما تشاهد هذا البرنامج ؟ و هل لك نية في الأكل ، أو في
النوم ؟! . تناظر يوماً ابو موسى الأشعري و معاذ بن جبل – رضي الله عنهما –
في قيام الليل ، فقال أبو موسى : (( أنا أقوم أول الليل و أنام آخره . فقال معاذ : و أنا أنام أول الليل و أقوم آخره ، فأحتسب نومتي و قومتي )) . و قال بعض السلف : ((
إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية ، حتى في أكلي و شربي و نومي و دخولي
الخلاء ، و كل ذلك مما يمكن أن يُقصد به التقرب إلى الله تعالى ، لأن كل
ما هو سبب لبقاء البدن و فراغ القلب من مهمات الدين ، فمن قصد من الكل
التقوي على العبادة ، و من النكاح تحصين دينه ، و تطييب قلب أهله ، و
التوصل إلى ولد يعبد الله بعده ، أُثيب على ذلك كله ، و لا تحتقر شيئاً من
حركاتك و كلماتك ، و حاسب نفسك قبل أن تُحاسب ، و صحح نيتك قبل أن تفعل ما
تفعله ، و انظر في نيتك فيما تتركه أيضاً )) .
إننا
باستحضار نياتنا و إخلاصها لله تعالى نحفظ أوقاتنا و أعمالنا و أنفاسنا من
أن تضيع سدى ، و نحيا حياتنا بكل ما فيها من حركات و سكنات و خلجات في
سبيل الله ، و يبقى عداد الأجر يعد الحسنات ليس فقط حتى الممات ، بل و بعد
الممات أيضاً ، بما خلفناه وراءنا من أعمال صالحة و صدقات جارية أخلصنا
فيها نياتنا لله عز و جل . قال تعالى : ﴿ قُلْ إنَّ صَلاتي و نُسُكي و مَحْياي و مَماتي للهِ رَبِّ العـٰلمينَ ﴾..{ الأنعام : 162 }
فلنحرص على أن يذكر بعضنا البعض باستحضار النية و إخلاصها لله عز و جل ،
فإن الواحد منا قد يغفل أحياناً ، و إن الذكرى تنفع المؤمنين .
اللهم إليك يا من بيده أزمَّة القلوب نرغب في ثباتها ،
و عليك يا علام الغيوب نعتمد في تصحيح قصدها و إخلاص نياتها ...
اللهم آمين ، و الحمد لله رب العالمين[/size]
موضوع في قمه الروعة
K!M0السبت مايو 24, 2014 12:32 pm