يحدثنا الدكتور كمال بولس جريس استشارى الجراحة وزميل كلية الجراحين الدولية عن البدانة.. حيث يقول:
البدانة هى مرض يتميز بتراكم كميات زائدة من النسيج الدهنى بالجسم. وتعتبر البدانة أكثر أمراض إضطراب التمثيل الغذائى شيوعًا فى العالم الغربى.
ففى الولايات المتحدة الأمريكية 33% من مجموع السكان و 55% من البالغين مصابون بالبدانة أو زيادة الوزن وفى كل عام تحدث 300000 حالة وفاه نتيجة البدانة ومضاعفتها
وتنفق الدولة مايزيد عن مائة مليون دولار للعلاج. ويعتبر الشخص بدينا إذا زاد وزنة عن 20 % من الوزن المرغوب فيه، على ألا تكون هذه الزيادة نتيجة زيادة فى العضلات كالرياضيين أو تراكم المياة بالجسم كالتورم والإستسقاء أو ضخامة فى الهيكل العظمى. كذلك يعتبر الشخص بدينا إذا زادت "دلالة كتلة الجسم" عن 27.
وطرق تشخيص البدانة كثيرة، منها ماهو معقد ولا يجرى إلا فى معامل الأبحاث، وماهو بسيط ويجرى بسهولة فى أية عياده. وبالنسبة للعامة يمكن التعرف على الوزن الطبيعى التقريبى بخصم الرقم مائة من الطول ( الوزن الطبيعى التقريبى = الطول بالسنتيمتر - 100).
أما بالنسبة للعيادات ومراكز علاج السمنة فتوجد عده طرق يذكر منها:
1- الميزان: يقاس الطول بالسنتيمتر ويقدر الوزن بالكيلوجرام. ثم يقارن الوزن بالوزن الموجود بالجداول القياسية للأوزان الطبيعية بناء على الطول والعمر والجنس، وبذلك يمكن حساب الوزن الزائد عن الوزن المثالى.
2- قياس سمك الجلد: فى مناطق خاصة بالذراعين والظهر والبطن وتفرغ فى جداول خاصة يمكن منها حساب نسبة كمية الدهون فى الجسم وكذلك توجد موازين واجهزة يمكن أن نعطى نسبة كمية الدهون وتقارن هذه النسب بالنسبة الطبيعية.
3- حساب دليل كتلة الجسم:
وذلك بقسمة وزن الجسم بالكيلو جرام على مربع الطول بالمتر. دليل كتلة الجسم = الوزن بالكيلو جرام / ( الطول بالمتر )2 . وتقسم درجات البدانة بهذه الطريقة إلى: درجة بدانة صفر 20 - 24.9 ، درجة بدانة 1 - 25 -29.9 ، درجة بدانة 2 - 30 -40 ، درجة بدانة 3 - أكثر من 40 وتسمى البدانة المفرطة. ويعتبر الشخص بدينا إذا زاد دليل كتلة الجسم عند 27.8 للرجال و 27.3 للسيدات.
4- قياس نسبة محيط الخصر إلى محيط الردفين:
ويفيد هذة الطريقة فى تشخيص البدانة التى تؤدى إلى مضاعفات فى ضيق شرايين القلب والمضاعفات الخطيرة الأخرى، فإنة زادت هذه النسبة عن 9. فى الرجال أو 8. فى النساء أصبح الشخص معرضا لهذه المضاعفات.
البدانة وتوزيع الدهون فى الجسم:
هذا يتوقف على:
1- التوزيع الجغرافى: فالبدانة الموجوده فى جنوب شرق آسيا تتركز فيها الدهون فى الجزء الأعلى من الجسم أى الكتيفين والصدر والزراعين. والبدانة في شمال أوربا ( الأنجلو ساكسون ) تتركز فيها الدهون كايطار حول الوسط والبطن. وبدانة الزنوج تزاد الدهون بمؤخرة الجسم، أما بدانة الحوض الأبيض المتوسط بما فيها مصر فأغلب الدهون تتركز فى الأرداف والفخذين.
2- الجنس:
أ- البدانة الرجالى أو المركزية أو شكل التفاحة وفيها تتركز الدهون فى منطقة البطن وهى أخطر أنواع البدانة لأنها مرتبطة بالمضاعفات الخطيرة للشرايين التاجية او المرأة التى تصاب بهذا النوع من البدانة تتعرض لنفس المضاعفات.
ب- البدانة الحريمى أو البدانة الطرفية أو شكل الكمثرى وتتركز فيها الدهون فى الجزء السفلى من الجسم أى الأرداف والفخدين والساقين
وهى أقل خطورة من البدانة الرجالى، ولكن من مضاعفتها آلام الركبتين ودوالى الساقين.
3- البدانة وعلاقتها بالخلية الدهنية:
أ- البدانة البسيطة وفيها يزداد حجم الخلية الدهنية.
ب- البدانة المفرطة: وفيها يزداد كلا من حجم وعدد الخلايا الدهنية.
ولإستيعاب كل شىء عن البدانة يجب معرفة الوحده الأساسية التى يتكون منها البدانة.
فالدهون تختزن فى خلايا خاصة تسمى الخلاياالدهنية ويتكون من مجموعها النسيج الدهنى. وهذا النسيج يوجد تحت الجلد وداخل تجويف البطن فى مساريقا الأمعاء ومنديل البطن وحول الكليتين والشخص البالغ الغير بدين يحتوى جسمة على مايقرب من 25 إلى 30 بليون خلية دهنية. أما فى حالات البدانة المفرطة فقد يصل العدد إلى 260 بليون خلية.
والخلية الدهنية فى الوزن الطبيعى تحتوى على 5. إلى 6. ميكروجرام دهن. والحد البيلوجى الأعلى للخلية فى حالة البدانة لا يزيد عن 1 ميكروجرام.
يزداد عدد الخلايا الدهنية سريعا خلال السنة الأولى بعد الولاده ويصل تقريبا إلى ثلاثة أضعاف العدد بعد الولاده مباشرة. وبعد السنة الأولى يزداد العدد بالتدريج حتى تقريبا السنة العاشرة. ثم يزداد العدد وحجم الخلايا أثناء البلوغ وفى سن الرشد. وبعد ذلك تكون الزيادة قليلة. وأثناء الحمل يعتقد أن معظم الخلايا الدهنية تتكون فى الثلث الأخير من الحمل، فإذا إزداد وزن الحامل عن المعدل الطبيعى للحمل فى الثلث الأخير من الحمل، يؤدى ذلك إلى زيادة عدد الخلايا الدهنية فى المولود وكذلك يزداد العدد عند إستعمال الرضاعة الصناعية وإستعمال المواد الغذائية مبكراَ للمولود.
أسباب البدانة:
سبب البدانة هو تفاعل عوامل بيئية وعوامل جينية لتخزين الدهون الزائدة . والإعتقاد السائد بين معظم عامة الناس وكثيرمن العاملين فى المهن الطبية بأن البدانة سببها فقد السيطرة والتحكم فى عادات الأكل هو إعتقاد خاطىء ومن المحتمل أن لا توجد حالات بدانة سببها ببساطة كثرة الأكل.
العوامل الجينية المسببة للبدانة:
يوجد على الأقل 130 جين لها دور فى إحداث البدانة . فمثلا " لبتن " Leptin عبارة عن بروتين مفرزه الأنسجة الدهنية، يرسل إشارة للهيبوثلامس بالمخ ليبلغة عن مستوى تخزين الدهون فى الجسم والذى بدورة يقلل الشهية لتناول الطعام والعوامل الجينية مسئولة عن 30 - 50 % من البدانة تقريباَ.
العوامل البيئية المسببة للبدانة:
1- العوامل العائلية: وتتضمن أنواع الطعام المفضلة للأسرة وطريقة التغذية وتركيب المواد الغذائية ومستوى النشاط البدنى. كلها لها دور فى إحداث البدانة.
2- تركيب المواد الغذائية وطرق الأكل:
المواد الغذائية الغنية بالدهون تحدث درجة أكبر فى البدانة عن طريق المواد الغذائية الغنية بالكربوهيدرات ( السكريات والنشويات ) وذلك لان:
أ- جرام الدهون تحتوى على أكثر من ضعفى السعرات الموجودة فى جرام بروتين أو جرام كربوهيدرات.
ب- الطعام الغنى بالدهون أجمل مذاقا ولايحدث فقداللشهية مثل الطعام الغنى بالكربوهيدرات.
ح- الطعام الدهنى يحتوى على كمية أقل من الألياف ويمكن مضغة وابتلاعة فى وقت أقل.
د- الطعام الدهنى يطهى فى وقت أقصر وأسهل فى إبتلاع كميات كبيرة منة.
ه- تخزين الدهون فى الجسم أسهل من تخزين الكربوهيدرات والبروتينيات عندما يكون الغذاء أكثر من حاجة الجسم.
و- الطاقة التى يستهلكها الجسم فى تخزين الدهون الزائد فى الغذاء عبارة عن 3% من الطاقة التى فى الدهون التى دخلت الجسم عن طريق الغذاء. ولكن لعمل دهون وتخزينها من الكربوهيدرات والبروتينات التى إمتصها الجسم تحتاج إلى طاقة اكثر من 20 % من الطاقة الموجوده فى هذه الكربوهيدرات والبروتينيات.
3- مستوى النشاط:
مستوى النشاط العضلى يساعد فى الإحتفاظ بثبات وزن الجسم. والبدين أقل نشاطاَ عن الشخص النحيف . فالنشاط يعتبر عاملا مهما فى إستهلاك الطاقة اليومية بالجسم.
4- الأدوية:
توجد أدوية كثيرة تؤدى إلى أخذ كميات من الطعام أو إلى زيادة وزن الجسم مثل:
أ- الكورتيزون ومشتقاتة.
ب- الإنسولين والاقراص الخافضة لنسبة السكر التى يستعملها مرضى السكر.
ج- أدوية علاج الإكتئاب.
د- الأدوية المثبطة للعصب السمباثاوى مثل الإندرال.
5- الضغط العصبى:
أ- الإكتئاب: من 10 - 20 % من المصابين بالإكتئاب يزيد وزنهم.
ب- بعض الذين يسكنون فى شمال الكرة الأرضية يزيد وزنهم فى الشتاء لإحتجاب ضوء الشمس ويعالجون بتعريضهم للضوء الصناعى.
6- الجهاز العصبى المركزى:
أ- إصابات الجهاز العصبى المركزى مثل إصابات الرأس أو الجراحة يمكن ان تؤدى إلى البدانة.
ب- أورام الغدة النخامية والهيبوثلامس تعتبر أكثر أنواع الأورام التى تؤدى إلى البدانة.
ج- بعض الأشخاص لاحظو زيادة فى وزنهم بعد عمليات جراحية فى مناطق أخرى من الجسم.
7- الألتهابات:
بعض الأشخاص أصيبوا بالبدانة بعد مرض الدرن أو التهابات الجهاز العصبى.
8- أمراض الغدد الصماء وأمراض التمثيل الغذائى:
أ- نقص إفراز الغدة الدرقية ( المكسيديما ) نادراَ ما يؤدى إلى البدانة.
ب- الكورتيزون الذى يعالج مرض كوشنج يعتبر أكثر أنواع البدانة الهرمونية حيث قد يزداد وزن الجسم من 25 إلى 50 كيلوجرام.
ج- الإنسوليبوما ( أو أورام الخلايا التى تفرز الإنسولين بالبنكرياس ) تعتبر سببا نادراَ.
د- نقص إفراز الغدة الجارورقية ومرض الهيبوثلامس بالمخ ونقص إفراز الغدد التناسلية نادراَ جداَ ما يحدث بدانة.
9- إضطرابات فى تنظيم وزن الجسم أو دهون الجسم:
هناك عددة عوامل تتفاعل مع بعضها لحفظ وزن الجسم ثابتا. فإذا حدث إضطراب فى هذا التوازن يحدث تغيرات تعويضية لإستعادة وزن الجسم والدهون التى بة لهذا المستوى الثابت. فوزن الجسم بتأرجح فى مدى ضيق . فمثلا إذا قل الحصول على الطاقة اليومية تحدث عده تفاعلات كيميائية تقلل نقص الوزن ونقص كمية الدهون بالجسم . وعلى النقيض ، زيادة الحصول على الطاقة نتيجة زيادة التغذية تحدث تغيرات تعويضية تحد من زيادة الوزن وتعتبر طرق الحماية هذه التى تحاول تثبيت وزن الجسم وكمية الدهون عاملا مخيبا للامل ومثبطا للذين يريدون إنقاص وزنهم.
Yazan Kingالسبت يونيو 07, 2014 6:59 pm